recent
أخبار ساخنة

وجوبُ استئذانِ المرأةِ قبل الزواج

الصفحة الرئيسية


بقلم /محمد سعيد أبوالنصر 
من شروطِ صحةِ عقدِ الزواج ِ وجوب استئذان المرأة قبل الزواج إذ "يجب على ولي المرأة أن يأخذ رأي المرأة فيمن يتقدم للزواج بها لأنَّ الزواج معاشرة قائمة على الرضا بين الزوج والزوجة فيجب أن يتم بالتراضي والاختيار ،ولذا منعت شريعة الإسلام الإجبار والإكراه على الزواج ،وقررت أن عقد الزواج يكون غير صحيح إذا تم عن طريق الإكراه والإجبار"وهذِهِ الحريةُ هيَ مِنْ مميزاتِ الإسلامِ وأساسُ نجاحِ الحياةِ الزوجيةِ، واستمرارُ هذِهِ الحياةِ يكونُ بالرضَا وحُسْنِ الاختيارِ بينَ الطرَفَيْنِ، ودَوْرُ الوالدينِ فِي تزويجِ أولادِهِمْ يتمثَّلُ فِي النصحِ والتوجيهِ بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ، ولكنْ ليسَ لهمَا أنْ يُجبِرَا أولادَهُمْ علَى زواجٍ لاَ يرضَوْنَهُ، بلْ الاختيارُ الأخيرُ فِي هذَا للأبناءِ مَا لَمْ يتجاوزِ الأولادُ فيختارُوا لأنفسِهِمْ اختيارًا فاسداً لاَ كفاءةَ فيهِ مِنْ ناحيةِ الدينِ أَوِ الخُلُقِ أوِ الواقعِ، فإنْ حدثَ هذَا فللوالدينِ حقُّ الاعتراضِ، وعلَى الأبناءِ السمعُ والطاعةُ "
وقد وردت أحاديثُ نبويَّةٌ شريفةٌ تأمر باستئذان المرأة قبل الزواج ، ومن هذه الأحاديث ما رواه الإمام البغوي في شرح السنة , عَنْ أَبِي مُوسَى - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " إِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ فَلْيَسْتَأذِنْهَا "
وروى الإمامُ أحمدُ في مسنده عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ شَيْئًا مِنْ بَنَاتِهِ , جَلَسَ إِلَى خِدْرِهَا _ أَيْ سِتْرِهَا ،والخدر ستر يكون للجارية البكر في ناحية البيت " .- فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يَذْكُرُ فُلَانَةً - يُسَمِّيهَا وَيُسَمِّي الرَّجُلَ الَّذِي يَذْكُرُهَا - فَإِنْ هِيَ سَكَتَتْ زَوَّجَهَا، وَإِنْ كَرِهَتْ نَقَرَتْ السِّتْرَ، فَإِذَا نَقَرَتْهُ لَمْ يُزَوِّجْهَا "
وروى الإمام النَّسَائِيّ في الصغرى, َعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " اسْتَأمِرُوا النِّسَاءَ فِي أَبْضَاعِهِنَّ أَيْ: فِي أَنْفُسهنَّ أَوْ فُرُوجهنَّ. " , قِيلَ: فَإِنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحِي وَتَسْكُتُ، قَالَ: " هُوَ إِذْنُهَا "
إنَّ عدمَ إعطاءِ الأبناءِ فسحةً فِي اختيارِ شريكِ الحياةِ فيهِ ظلمٌ وتعدٍّ علَى مَا أمرَ اللهُ تعالَى بِهِ، فليسَ للأبِ ولاَ لغيرِهِ علَى المرأةِ ولايةُ إجبارٍ ولاَ إكراهَ فِي تزويجِهَا مِمَّنْ لاَ تريدُ،"روى الإمام مسلم والنسائي وَأبو داود , عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأمَرُ ,وفي لفظ وَالْبِكْرُ يَسْتَأذِنُهَا أَبُوهَا فِي نَفْسِهَا ،وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا " وَرُبَّمَا قَالَ: وَصَمْتُهَا إِقْرَارُهَا " والصمت والسكوت دليل الحياء ، قال الفقهاء "إنَّ عِلَّة الِاكْتِفَاء بِسُكُوتِ الْبِكْر هُوَ الْحَيَاء "
وقَالَ ابْن الْمُنْذِر: يُسْتَحَبّ إِعْلَامُ الْبِكْر أَنَّ سُكُوتهَا إِذْن، لَكِنْ لَوْ قَالَتْ بَعْد الْعَقْد: مَا عَلِمْت أَنَّ صَمْتِي إِذْن , لَمْ يَبْطُل الْعَقْدُ بِذَلِكَ عِنْد الْجُمْهُور، وَأَبْطَلَهُ بَعْض الْمَالِكِيَّة، وعلى ولي الأمر إذا وجد من البنت النفورَ وعدم الرضا ،والسخطَ ، كأن تبكي البنت رفضا ،أو تَصْنع ما يدل على الكراهية هنا وجب على ولى الأمر أن لا يزوجها بهذا الزوج .
وروى الإمامُ أحمد عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قالَتْ: جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ يَرْفَعُ بِي خَسِيسَتَهُ فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا قَالَتْ: فَإِنِّي قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ لِلْآبَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ.
فقولها "إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ يَرْفَعُ بِي خَسِيسَتَهُ أَيْ: يُزِيل عَنْهُ بِإِنْكَاحِي إِيَّاهُ." خَسِيسَتَهُ أي دناءَته ،ويكرمه بي " وقوله " فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا _أي جعل نفاذ أمر الزواج إِلَيْهَا - "، قَالَتْ: فَإِنِّي قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ لِلْآبَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ.
وهذا من إكرام الإسلام للمرأة . إنَّ سوءَ الاختيارِ يؤدِّي إلَى إثارةِ المشكلاتِ التِي تكونُ سببًا فِي شتاتِ بعضِ الأُسرِ، ومَا أجملَ الاقتداءَ والاهتداءَ بِهديِ رسولِ اللهِ صل الله عليه وسلم وهوَ يُوصِي الآباءَ بالتشاورِ معَ بناتِهِمْ فِي شأن مَنْ يرغَبُ فِي الزواجِ منهُنَّ دونَ تعسفٍ فِي استعمالِ الحقِّ، فيقَولُ صل الله عليه وسلم: « إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ»
google-playkhamsatmostaqltradent