recent
أخبار ساخنة

جدران الصمت ... قصة قصيرة

الصفحة الرئيسية

بقلم/ سالى محمود
مساء يسوده السكون،حجرة كبيرة ، نافذة اسدلت ستائرها، مخملية قرمزية اللون، مكتبة تعج بالكثير من الكتب ، عديد من الصور التى تزين الجدران..
صورة كبيرة موشاة بشريط اسود ..تنعى الفقيد
مرآة لها إطار ذهبى...اضاءة خافتة...جدران صماء،
مساء هادىء ككل المساءات المنصرمة... مدفأة قديمة هجرها الدفء..مخبوة النار...
اريكة مريحة ، بجوار منضدة ، عليها كتاب قديم اصفرار الورق يدل على انه من كتب زمن مضى ، ربما تكون طبعة اولى ،الكتب ذات الاوراق الصفراء لها طابع العراقة ...
مصباح صغير بجوار الأريكة...
كعادتها فى المساء تجلس ممددة الساقين على اريكتها متدثرة بغطاء انيق يقيها برودة الشتاء، تمسك بكتاب لتقرأ القليل كل ليلة ،
تسدل الستائر ،بعد ان ترقب الطريق لبعض الوقت تنتظر حلول المساء...حين تغيب الشمس فى رحم السماء،وتغيض الانوار، وتبدأ النجوم سباحتها بين الغيوم،
تركن الى جلستها المعتادة وكتابها ،وموسيقى هادئة ،اغنيات فيروزية حالمة....
تنظر الى الجدران الصماء حولها وتعاود القرأة..برق خاطف يضىء الحجرة الخافتة الاضاءه، وصوت الرعد يزلزل اركانها ،ترتعد من الخوف وليس البرد..
زخات المطر على النافذة ، دقات متواترة ذات ايقاع رخيم،تشد ازارها تلتمس زيف الدفء.. لبرودة تاتيها من داخلها،،وجيب قلبها ودمعة تنساب فى صمت،
تغادر جلستها لتقف امام المرآة، تطالع ملامحها ، تتأمل قسمات وجهها وردية اللون كما هى ، مر الزمن ولازلت تحتفظ بورود وجنتيها ، ربما بعض تجاعيد حول العين، وشعرات غزاها مشيب قبل اوانها ،ابتسامتها ساحرة، تغمض عينيها وتصدر منها تنهيدة عميقة، يد تربت على كتفها ، تنتفض تفتح عينيها تنظر الى المرآة،وجه مألوف يشبه الصورة المكللة بشريط اسود،تستدير مبتسمة ،تعانقه ،تدفن وجهها فى صدره ،تختفى داخله،
تتبدل ملامحها ، ابتسامة رحبة تنير وجهها الوردى فيزيده توردا،تلقى برأسها المثقل على كتفه، يزداد صوت الموسيقى وضوحا، يشدها اليه اكثر ، ينسابا فى اريحية يتمايلان ، يراقصها على ايقاع الموسيقى ،تدور بخفة وتغمض عينيها ، بريق ماسى يتلألأ من عينيها ، تدور ، وتدور ، تدور اكثر ،واكثر ، صوت الموسيقى يتخافت..تشتعل الدفأة مضفية ظلالا وبعض من دفء ويشتد صوت الرعد، تضمه اكثر ، تدور اكثر ،تهتز الحجرة ، ترتج الجدران، ينسحب من بين ذراعيها ،ليعود الى موطنه ،حيث الصورة على الجدارالصامت، طيف يتلاشى الى العدم ...وهى على اريكتها ، تحتضن كتابها ، ودمعات لؤلؤية تزين وجنتيها.. ترتجف ، تفتح عينيها وردة حمراء على صدرها ، تنظر حولها ،تمد النظر الى الجدران تفتش عنه ، تنقب عن ملامحه ، رائحته تملأ انفاسها، يعود الرعد يمزق صمت الجدران ،ترتعد ، ترنو الى صورته ،تحادثها ، تبتسم ، تدمع ،يشق صدرها تنهيدة حارة، زخات المطر تشاركها الالم ،طيفه السابح فى ملكوتها يشع حنينا ،يحوطها ، يمتلكها ،تغمض عينيها ،تتنسم وجوده حولها، خيالات تداعبها ،ذكريات حبيبة ،حية داخلها ، تبوح الجدران بالذكرى ،تنوء بحملها ،ضوء الفجر يشع فى الحجرة ،يعود الصمت ،وهى على حالها ،وسنانة تبتسم ،والرؤى الحالمة تموج بصدرها ،تنتظر طيفه فى ليلة ممطرة جديدة..
google-playkhamsatmostaqltradent