recent
أخبار ساخنة

الحِلْمُ

الصفحة الرئيسية

بقلم أ / محمد سعيد أبوالنصر 
في كتابنا ثمار من حدائق المعرفة "حديث مُسْهَب عن الحلم ،هذا جُزْء منه .
الحِلْمُ : معناه الأَناةُ وضبطُ النَّفْس، فمن استطاع أن يملك أعصابه ويكظم غيظه ،ويمسك لسانه  ،ويضبط نفسه ، اتصف بالحلم .
 والحلم : خَصْلَةٌ مِنْ خِصَالِ الْعَقْلِ، وكما قيل :
الْحِلْمُ زَيْنٌ وَالتُّقَى كَرَمٌ ... وَالصَّبْرُ خَيْرُ مَرَاكِبِ الصَّعْبِ
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ جُرْعَةٍ أَعْظَمُ أَجْرًا عِنْدَ اللهِ مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ كَظَمَهَا عَبْدٌ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ "
وعَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ , دَعَاهُ اللهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ " 
وفي التاريخ  قصص  عن الحلم يجعلك تحب هذه الصفة ،وتحاول جاهدا الاتصاف بها .جاء في مجاني الأدب ما يلى :
حلم معن بن زائدة 
كان معن بن زائدة أميرا على العراق وكان له في الكرم اليد البيضاء وهو من الحلم على أعظم جانب. 
وتذاكر جماعة فيما بينهم أخباره وما هو عليه من وفرة الحلم ولين الجانب وأطالوا في ذلك فقام أعرابي وآلى على نفسه أن يغضبه 
فقالوا : إن قدرت على إغضابه فلك مئة بعير ، فانطلق الأعرابي إلى بيته وعمد إلى شاة له فسلخها ثم ارتدى بإهابها جاعلاً باطنه ظاهره ثم دخل على معن بصورته تلك ووقف أمامه طافح العينين كالخليع ، تارة ينظر إلى الأرض وتارة ينظر إلى السماء ، ثم قال :
( أتذكر إذ لحافك جلد شاة وإذ نعلاك من جلد البعير )
قال معن: أذكر ذلك ولا أنساه يا أخا العرب 
فقال الأعرابي :
( فسبحان الذي أعطاك ملكاً وعلمك الجلوس على السرير )
فقال معن : سبحانه وتعالى 
وقال الأعرابي :
( فلست مُسَلِّماً ما عشتُ حياً على معن بتسليم الأمير )
قال معن : إن سلَّمت رددنا عليك السلام ، وإن تركت فلا ضير عليك
فقال الأعرابي :
( سأرحل عن بلاد أنت فيها ولو جار الزمان على الفقير )
فقال معن : يا أخا العرب إن جاورتنا  وأقمت بنا فعلى الرحب والسعة ، وإن رحلت عنا فمصحوباً بالسلامة 
فقال الأعرابي وقد أعياه حلم معن :
( فجد لي يا بن ناقصة بمال فإني قد عزمت على المسير )
قال معن: أعطوه ألف دينار يستعين بها على سفره. فأخذها وقال:
 ( قليل ما أتيتَ به وإني لأطمع منك بالمال الكثير )
( فثنِّ فقد أتاك الملك عفواً بلا عقل ولا رأي منير )
فقال معن: أعطوه ألفا ثانياً. فقال الأعرابي: يا أمير المؤمنين ما جئت إلا مختبرا حلمك لما بلغني عنه. فلقد جمع الله فيك من الحلم ما لو قسم على أهل الأرض لكفلهم. ثم تقدم الأعرابي إليه وقبل يديه ورجليه وقال :
( سألت الله أن يبقيك ذخراً فما لك في البرية من نظير )
( فمنك الجود والإفضال حقاً وفيض يديك كالبحر الغزير )
فقال معن : أعطيناه على هَجوِنا ألفين ، فأعطوه على مدحنا أربعة آلاف
فقال الأعرابي :
جُعِلتُ فداك ، ما فعلت ذلك إلا لمئة بعير جُعِلَت على إغضابك
فقال معن : لا خوف عليك ، ثم أمر له بمئتي بعير ، نصفها للرهان والنصف الآخر له ، فانصرف الأعرابي داعياً شاكراً.
google-playkhamsatmostaqltradent