بقلم أ/ عبد الفتّـــــــــاح النفــــــاتي
أقْبَرت الســـماءُ و نحْنُ هُنــــا
نغْزلُ لها الصوفَ لِتَبْيَّضَ
أكْثر.
لولا المَسافاتُ بيْنَ وريد الرَجُلِ
و عيون الأنْثَى
مَا كَانَ للطفْل الذي يَحْبُو
مُنْفصَلا عن الرحِم
أنْ يَكْبُرَ
و يصيرَ زَهْرَةً تتَفَتَّحُ كُلَّ قُبْلَةٍ
إضافيّة
علَى الخَدّ
يا سَمَاءُ أمْطري
فوْقَ الطرُق الخالية
كَيْ نَكْبُرَ
و نُعَمّر
برغْم رصاصات النُحَاس
أمْطري بينَ السنْديان و المَرْمَر
كَيْ تصيرَ كُلُّ الودْيان
ثَنَايَا لوَطني
سَيَأْتي الربيعُ بعْدَ الشتاء
سيأتي الصيفُ بعْد الخريف
و يُسافرُ المَحْظُوظونَ من الطيْر
أمّا البقيةُ يتداولُون علَى قيادة
الإنْتظار
نَحْنُ هُنــــا، كالواقفينَ في صفّ
طويلٍ
أمامَ مرآةٍ واحدة
يكَادُ يتكسَّرُ ضلْعها الأخير
منْ الشدّ و الجَذْبِ
واسعٌ مجالُ العُتْمَة يا قلْبُ
شَفّافٌ مثْلَ همْسة الموْجَة
حينَ تنكسر
علَى حَجَرٍ
أكَادُ أنْسَى ..هُنــــــا
أنّني الغائبُ حين تحْضُرينَ
و أنَا المُعْدَمُ اللُّغَات
حينَ أُقرّرُ وصْفَ حليبَ أمّي
غَيْمَةٌ ،أُرْجُوحَةٌ،إيقَاعٌ من مَزامير الحَرْب
لا شَيْء سَيُفَرّقُنَا أيُّها الجُنْديُّ
هكذا قال قائدٌ لفصيلته
لا شيء سَيُفرّقُنَا سوى
أنّكُمْ ستمُوتونَ أوّلا
و سأمُوتُ بَعْدكُم بنصْفٍ قَرْنٍ
لا شيء سيُفرّقُنَا
إنْ كُنْتُم في الخنْدَق
و كُنْتُ في الخيمَة
إنْ كُنْتُم تَحْرُسونَ تسَلُّلات الموْت
و كُنْتُ أنا المحْروسَ لأحْيَا ...
سَيَنْجُو مِنْكُم صاحبُ الحظّ
و منْ يَمْهُرُ في قَنْص التَوْقيت المُنَاسب
لِيَرْتَمِيَ بعيدًا عنْ اللُّغْم
الآنَ ،بعْدَ طُول الإنتظار
نُرصّعُ يا قلْبُ
شِرْيَانَكَ المُظفَّرَ
فلا تَكُنْ وحيدًا حينَ يَسْتَقرُّ
السَلامُ
كيْ لا تنْكَسر قلاع الحَمَام
و يَفرَّ من الهُدْنَة
آخرُ ما تَبَّقَى منَ كلمَاتِكَ
الثَكْلَى