recent
أخبار ساخنة

الأمير والملكة .... قصة قصيرة .. الجزء الأخير

الصفحة الرئيسية

بقلم: حسن عصام الدين طلبة
بينما كان الموكب الملكى يخترق شوارع لندن ، راح الأمير ينظر إلى الملكة بطرف عينه من آن لآخر ، بينما الملكة تتعمد عدم النظر إليه كعتاب له على هجرتها فى مخدعها مهما كان المبرر لذلك ، واستغرقت تفكر فيما يجب عليها أن تقوم به من تصرفات حتى لا تشعر أمها أثناء زيارتها لها بأن هناك خلاف بينها وبين زوجها الأمير..
كان الأمير يتابع تحية الجماهير للموكب الملكى ، بينما الملكة مازالت سارحة فى أفكارها .. وبينما يتجه الأمير بنظره جهة الملكة ، لمح شاباً ممسكاً بمسدس ويتجه به ناحية العربة الملكية ، وهو ينظر إلى الملكة دون غيرها ، فأدرك من فوره نوايا الشاب المتهور ، وما أن ركض الشاب جهة العربة حتى قام الأمير من مقعده ينظر إليه ، فالتفتت الملكة للأمير الواقف مستغربة بينما كانت الطلقات تتجه إلى الملكة ، فالتف الأمير بصدره يحمى الملكة وترك ظهره للمهاجم المتهور فأصابت الطلقات الأمير ، وساد الهرج والمرج فى المكان ، واتجه الناس للقبض على المهاجم ، بينما سارع سائس العربة الملكية يحث الجياد على الركوض مبتعداً بالموكب الملكى عن مكان الهجوم ..
تم السيطرة على الموقف ، وتم الإمساك بالمهاجم المختل عقليا ، وفى القصر الملكى سارع الأطباء بالكشف على الأمير آلبرت فتبين أن الجروح سطحية لعدم كفاءة الطلقات التى اطلقت على الملكة .. بينما راحت الدموع تنهمر على وجه الملكة ..
هدأت الأمور التى احاطت بالحادث ولكنها لم تهدأ بعد بين الملكة والأمير .... نظر الأمير وهو يتعافى إلى الملكة الجالسة إلى جواره تبكى بحرقة ولوعة وقال لها : لما البكاء وقد مضى الحادث بسلام .. نحمد الرب أنه لم يصيبك سوء .. فلماذا البكاء إذن ..؟
نظرت الملكة إليه وقالت تعاتب نفسها : شاءت الأقدار ألا تفرق بيننا .. فقد وهبتنى السماء وجودك لتنقذ حياتى .. أنا لا أبكى على ما جرى من محاولة قتلى .. ولكن أبكى نفسى وألومها لإننى غضبت منك يوماً على أشياء لا تستحق منا كل هذا العناء .. أنت أثمن وأغلى من أى شىء آخر فى الوجود .... فقال : هونى عليك يا فكتوريا ، فما زلنا نستطيع أن نعوض ما فاتنا ، وما فاتنا يا حبيبتى إلا قليل .... عادت فكتوريا تبكى وهى تقول : وهل أستحق منك أن تضحى بحياتك من أجلى .. آلبرت .... " مهما جرى بيننا ، فأنا مازلت أحبك من كل قلبى .. أحبك .. وحبى لك يجعل حياتك أغلى الف مرة من حياتى " .... يشتد نحيبها وتقول وهى تحتضنه برفق : كم أنا حمقاء لإنى قد أغضبتك يوماً .. سامحنى يا آلبرت .... " سامحتك منذ أن غادرت الغرفة لأول مرة " .. وبعد أن نام الأمير راحت تكتب فى ركن من الغرفة خواطرها فقالت : .. " .. يا هدية السماء ، يا روعة الإحساس وفيض الأمانى .. يا ينابيع الأشواق والأمانى .. يا بديع المعانى والمشاعر يا هدير مطر السحابات المثقلات ، يا أقواس الطيف تلمع فى كبد السماء .. يا ربيعاً حل فى حياتى ، فيه تجاب أحلام المحبين حين الدعاء .. أحبك كلمات وحروف أزرعها فى حدائق قلبك النابض المعطاء ..
فى الحديقة الملكية بالقصر جلست الملكة إلى جوار الأميرة الملكية العجوز التى ترتاح إلى نصحها تستشيرها فيما جرى فسألتها الأميرة الملكية العجوز : قولى لى أيتها الملكة الجميلة بصراحة .. هل تحبى زوجك الأمير .. ؟ .. " احبه يا اماه بكل كيانى وروحى " .... فقالت : هل تريه كفء كرجل يفهم فى أمور المملكة .... " فى كل الأمور التى يتولاها يحسن تدبيرها " .... فقالت للمكلة : إذن أعلمى يا مليكتى اننا لا نعيش فى هذه الحياة وحدنا .. إن لنا شركاء يعيشوا معنا فيها .. واهم هؤلاء الشركاء هم الأناس المخلصون الذين نحبهم ولا نستطيع أن نتستغنى عنهم .. فكيف إن كانوا جديرين بتلك المشاركة .... نظرت الملكة إلى الأميرة العجوز وأدركت ما تريد أن تقوله ، وسرحت بخيالها وهى تنظر إلى السماء الزرقاء الصافية ، والشمس المشرقة التى منحتها الدفء وراحة النفس فى ذلك البستان الأخضر الجميل وراحت تستلهم من السماء خطوط المستقبل ..
عاد الأمير آلبرت إلى غرفة الزوجية وراحت الملكة تحدثه حديث من القلب فقالت تسأله : حبيبى ألبرت .. ماذا تعتقد فى زواجى منك .. هل هو وسيلة أم غاية .. ؟ .... " قولى لى يا عزيزتى ماذا تقصدين " .... فقالت : لم يكن زواجى منك إلا وسيلة .. وسيلة نستطيع معها وبها أن نعيش حياتنا كما نتمناها .. الزواج منك وسيلة لى كى أعيش حياتى إلى جوارك فى سعادة .. تلك السعادة ليست فقط فراش يجمعنا .. ولكنها تلك الحياة التى تموج بتقلبات الدهر بحلوها ومرها .. لنستطيع أن نستمتع بكل ما هو حلو فيها ، ونتجاوز صعاب منغصات تلك الحياه ، يحمينا منها هذا الحب الذى يجمعنا يا آلبرت ..
وسرعان ما صدر المرسوم الملكى بالسماح للأمير بممارسة شئون المملكة إلى جوار زوجته الملكة ، وأصبحت تستشيره وتطمئن له فى مشاركتها لمسئوليات الحكم .. وعاش الزوجان لينجبا تسعة أولاد من الصبية والفتيات ، كانوا فيما بعد ملوك وامراء هذا العالم الصغير الذى يعيشون فيه .... 
(( انتهت )) 
google-playkhamsatmostaqltradent