بقلم : عبدالرحيم حشمت عسيري . المحامي
لا يمكن لمواطن مصري أصيل أن ينكر ما حققه الرئيس عبدالفتاح السيسي من إنجازات سياسية واقتصادية واجتماعية خلال السنوات الأربعة الماضية ، ولا يمكن لأحد أن يحصيها عددا في مثل هذا المقام مهما كانت متابعته للشأن العام ... ولعل أهم هذه الإنجازات على الإطلاق هو استعادة الدور التاريخي لمصر على المستوى العربي والإفريقي والإسلامي ، وإفشال المؤامرة التي أحاكتها الدول الاستعمارية بالتعاون مع الأنظمة المعادية والعصابات الإرهابية التي تجهل حقيقة الأديان ولا تؤمن بقدسية الأوطان .. وما كان ذلك ليتحقق لولا العناية الإلهية التي تحفظ مصر منذ بدء الخليقة إلى أن تقوم الساعة كما أخبرتنا بذلك الكتب السماوية المقدسة الثلاثة القرآن والإنجيل والتوراة والتي تجسدت في انحياز السيسي الكامل منذ اللحظة الأولى لثورة 30 يونيو الشعبية الخالدة ..
ومن إنجازاته المهمة ذات الصلة إنفاقه عشرات المليارات على تسليح قواتنا المسلحة الباسلة ، وحرصه الشديد على تنويع مصادر تسليحها بهذه الكميات الهائلة من الأسلحة المتطورة كي لا تكون البلاد في يوم من الأيام عرضة للضغوط أو الابتزاز ، وحتى نكون قيادة وشعبا وقوات مسلحة على أهبة الاستعداد في هذه المرحلة التاريخية الفاصلة لمواجهة المخططات الدولية الهدامة التي تهدف إلى تفتيت هذه المنطقة المشتعلة منذ عدة سنوات بالحروب الطائفية والثورات الشعبية .
ويكفي الرئيس عبدالفتاح السيسي اعتزازا بمكانة بلاده ، وافتخارا بتاريخها النضالي ، وترسيخا لدورها القيادي ، وحفاظا على أمنها القومي أنه في الوقت الذي يبني فيه بلده ، ويقود حربا ضروسا ضد الإرهاب الأسود في الداخل والخارج نيابة عن العالم كله تحت شعار "يد تبني ويد تحمل السلاح" وقف بكل ما يستطيع من قوة في مواجهة العداوة التاريخية الموروثة لأحفاد السفاح سليم الأول ، والأطماع التوسعية المعروفة لمخلفات الإمبراطورية الفارسية في أراضي الأمة العربية ، وتدخلاتهم الطائفية في شئون دولها الداخلية وخصوصا الدول الخليجية .
ويحسب للرئيس السيسي على المستوى المجتمعي أنه فتح ملف العشوائيات التي تأنف من العيش فيها أقذر الحيوانات ، وقام بإزالة بعض مناطقها الأكثر خطورة – والبقية آتية في الطريق لا محالة – وبنى على أنقاضها أحياء سكنية لائقة ، وأنشأ فيها جميع المرافق الخدمية اللازمة التي تضمن حياة آمنة مستقرة ، وتوفر ظروف معيشية كريمة ولم يكتف بذلك بل قام ببناء عدد كبير من المدن الجديدة منها على سبيل المثال لا الحصر الإسماعيلية الجديدة ، ودمياط الجديدة ، والمنيا الجديدة ، وسوهاج الجديدة وغيرها من المدن الجديدة الأخرى المنتشرة على مستوى الجمهورية .
ويكفي الرئيس السيسي شرفا أنه أول من فتح الملفات الشائكة المسكوت عنها على مدى العقود الأربعة السابقة ، ولم يؤجلها لمن سيأتي من بعده ، كما أجلها رأس النظام الأسبق الفاسد البائد من قبله ، وعلى رأسها ملف الفساد الذي توغل في المؤسسات وأحال حياة المصريين إلى جحيم .. لذلك يعتبر السيسي – بلا أدنى مجاملة – أول حاكم مصري على مدى التاريخ المنظور يخضع في عهده كبار المسئولين للمسائلة تحت شعار "لا حصانة لمسئول فاسد مهما علت المناصب" .. وعليه تم إلقاء القبض على وزير الزراعة الأسبق في أواخر عام 2016 م ، وقدم فورا للمحاكمة بتهمة الرشوة ، وصدر في حقه حكم قضائي نهائي بات بالسجن عشرة سنوات .. وفي بداية عام 2018 م تم إلقاء القبض على محافظ المنوفية بتهمة الرشوة ، وظهر في وسائل الإعلام وهو مكبل بالأغلال كأي حرامي ضبط متلبسا بسرقة محفظة ، ثم أودع في غياهب السجون وهو في قمة هرم السلطة .
هنا لابد أن نقف جميعا صفا واحدا إجلالا وتقديرا وتحية لمؤسسة الرقابة الإدارية البطلة وغيرها من المؤسسات الرقابية الأخرى على جهودها الوطنية التي تبذلها ليل نهار دون كلل أو ملل في مطاردة الحرامية الكبار .. ففي ظني – وأغلب الظن بلا إثم – أن هذا الشعب العظيم على استعداد تام لأن يأكل العيش حاف ، وأن يصبر على بلاده في سنواتها العجاف طالما هناك سياسات حقيقية ، ومؤسسات رقابية مهمتها الرئيسية تنظيف البلد من الحرامية .
ومن إنجازات الرئيس السيسي التي تسجل بحروف من نور في سجله التاريخي أن مصر أصبحت في عهده خالية تماما من فيروس الكبد الوبائي .. ليس هذا فقط بل تم في عهده أيضا إنشاء وتجديد وتطوير 188 مستشفى عام موزعة على جميع المحافظات على مستوى الجمهورية من المنزلة لغاية أسوان .. وتشجيعا للمنتج المحلي ، وتطبيقا للسياسة العامة التي تنتهجها الدولة للقضاء على آفة البطالة تم في عهده إنشاء ثمانية مدن صناعية جديدة ، بالإضافة إلى إعادة تشغيل وتطوير 300 مصنع مغلق منذ ثورة 25 يناير الشعبية الخالدة .. أما الإنجاز الذي يشحذ الهمم ، ويدعو إلى التفاؤل ، ويزرع فينا الأمل فهو قيام مصر في عهد السيسي بمنع تصدير 480 مادة خام ، والأهم أن الدولة المصرية تعمل حاليا على مدار الساعة بكامل طاقاتها العلمية والبشرية على تصنيع هذه المواد محليا بأيادي مصرية بنسبة 100% تحت شعار "بكل فخر صنع في مصر" .
وليس أدل على ذلك من حصول مصر في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي على الترتيب الثاني على مستوى العالم كله في مجال تصدير الزجاج ومشتقاته بعدما كانت في الماضي القريب تصدر مواده الخام بأسعار شبه مجانية وتستورده بالدولارات الأمريكية ، والأجمل مما سبق أن المؤسسات الوطنية المختصة تعكف منذ عام مضى على دراسة أكثر من 300 بحث علمي لعقول مصرية في مجالي الزراعة والصناعة وغيرهما من المجالات الأخرى .
كما يحسب للرئيس السيسي كذلك أنه استكمل في زمن قياسي البنية التحتية اللازمة للتنمية الشاملة المستدامة حيث أنشأ على مدى الأربع سنوات الماضية شبكة طولية وعرضية من الكباري والشوارع الرئيسية ، والمحاور والطرق الدائرية على امتداد كامل الخريطة الجغرافية .. أما الكباري الثابتة والمتحركة ابتداء من كوبري الشهيد أبانوب وصولا إلى كوبري الشهيد أحمد المنسي والأنفاق العميقة والأحواض السمكية والمناطق الصناعية التي أقيمت في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي على امتداد قناة السويس من ميناء بور سعيد شمالا حتى ميناء السويس جنوبا فتعتبر بمثابة شرايين حياة جديدة تربط ضفتي القناة لاستكمال تنمية وإعمار شبة جزيرة سيناء .
وربما لا يعرف الكثيرون منا أن مدينة العاصمة الإدارية التي تعد المدينة الأفخم والأرقى والأضخم على مستوى العالم كله شرقه وغربه كانت حلما جميلا يراود المصريين منذ عشرات السنين حيث بدأ التفكير في إنشاءها منذ أوائل عقد السبعينات من القرن الماضي وأصبح إنشاؤها ضرورة وطنية ملحة منذ أوائل الثمانيات بعدما اكتظت القاهرة الكبرى بالسكان وازدحمت بالزوار وأوشكت على الانفجار من كثرة الزحام .. لكن القائد الهمام عبدالفتاح السيسي الرجل الذي لا ينام جعل الحلم حقيقة وحول الأفكار إلى أفعال بسواعد وعقول وأموال أبناء الفراعنة الأبطال .
وختاما أقول بالرغم من هذه الإنجازات الوطنية التي حققها الرئيس عبدالفتاح السيسي .. خلال مدة قياسية لكن يؤخذ عليه أنه ترك الطبقة الغنية التي لا تمثل سوى 5 % من تعداد هذا الشعب المطحون ، وتستحوذ على أكثر من 80 % من الثروات ، وتملك الجاه والنفوذ والقصور والطائرات ، وتستأثر بجميع الامتيازات ، وتتمتع بكل الاستثناءات ، وتستحوذ على كافة التسهيلات دون ضريبة تصاعدية على دخولها الخيالية .. في الوقت الذي رفع فيه الدعم عن السلع الأساسية التي تستفيد منها القاعدة العريضة من الطبقة المتوسطة ، والطبقات الكادحة من العمال والفلاحين والمهمشين الذين يمثلون الأغلبية الساحقة المسحوقة من تعداد المصريين الذين عانوا كثيرا خلال العقود الماضية .. والحقيقة المؤكدة أنهم سيعانون أكثر خلال السنوات القادمة .