بقلم/ حسن عصام الدين طلبة
لله على عباده حق ، ولم يخلق الله الإنسان إلا من أجل هذا الحق ، وهو عبادته سبحانه وتعالى { ومَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } واحكام القرآن التى تنزل على البشر فى كل زمان ومكان فيها عموم اللفظ وخصوص السبب والعموم المقصود أنها تصلح فى كل زمان ومكان إلى أن تقوم الساعة .. أما الخصوص فهى أن الآيات قد تنزل على فئة أو قوم بعينهم ، ولكنها تسرى على البشر كافة كسنة من سنن الله فى الأرض ..
من اجل ذلك الهدف الإلهى جعل الله الدعوة إلى عبادته على لسان الأنبياء والرسل وفى الكتب السماوية التى شرع فيها احكامه فكان السبيل إلى عبادته والعمل بأحكامه هو إما بالدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة { ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } .. فإن لم يتحقق الإيمان بهذا السبيل فكان أن دعى الله الرسل إلى مجاهدة الكفار والمشركين ..
ولكى نفهم ذلك ، نضرب المثل فيما يحدث فى حياتنا ، ذلك أنه إذا كان الحاكم يغضب حين يختلف عليه الناس فيعارضوه ، وهو مخلوق مثلهم ، ومع ذلك لا يطيق معارضتهم إياه ويطلب منهم الولاء والطاعة له .. فمابالكم بالله الواحد الأحد خالق كل شىء .. أليس من حق الله على البشر وقد أنعم عليهم فى حياتهم وفى انفسهم ما لايحصى من النعم ثم يجد منهم الجفاء والنكران والكفر والعصيان .. أليس الله هو الأحق بالطاعة الكاملة والخضوع الكامل من الإنسان .. فإذا كان هذا الإنسان لا يقبل أن يعارضه أحد وهو مخلوق قدره وحياته بين اصابع الله يقلبه كيف شاء .. أفليس من حق الله على البشر عبادته وطاعته ..
لقد ترك الله الإنسان يسيح فى الأرض ليرى كيف يفعل فى حياته على مدى الخليقة منذ أن خلق آدم .. فما كان من غالبية البشر إلا النكران والمعصية والكفر بالله وآياته الدالة على الوهيته وربوبيته .. فنصر الله المؤمنين به فى كل عصر ومكان ووعدهم بالتمكين فى الأرض حتى وإن كانوا هم المستضعفين فيورثهم الأرض وينزعها من الكافر ويعطيها للمؤمن ولو كان ضعيفاً ، فكما انتصر اليهود على جالوت وهم قلة ، فإن النصر كان للنصارى على اليهود حينما كان النصارى مستضعفين فقال سبحانه { يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين } .. وكذلك نصر الله محمد صلى الله عليه وسلم على قوى الكفر والشرك ووعدهم بإحدى الحسنيين إما نصر من الله على عدوهم فهذه منحة .. وإما شهادة فى سبيل الله ومآلها الجنة ، وتلك منة من الله لا يضاهيها نعمة أخرى وذلك هو الفوز العظيم ..
اذن النصر والتمكين لعباد الله المؤمنين ، والخذلان والهزيمة للكافرين والمشركين .. ويأتى سؤال السذج والمنافقين وأعداء الدين فيتساءلوا لماذا طلب الله من النبى صلى الله عليه وسلم مجاهدة الكفار ، وقالوا لماذا أكره النبى صلى الله عليه وسلم الكفار بالقوة ولم يطالبهم بالدخول فى الدين باللين والموعظة الحسنة .. ؟ وهذا يدل على جهل السائلين ، لأن الله سبحانه قال لنبيه الكريم { وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } .... وللحديث بقية [ التمكين للمؤمنين المستضعفين ] .