بقلم/ مدحت ثروت
أعلم أني الآن في نار آكلة وجحيم لن ينتهي لكني كنت كذلك، جحيم لن ينتهي، حتى دقات قلبي تؤلمني، بعد أن كانت أنشودة تتغني بها البلابل الصّداحة على أغصان الزيتون، وتعتصر شهدها كروم البساتين، باتت علقم لا يذوب من جفاف الحلق، مللتُ، بل سئمتني، كرهت التطلع في ذلك الوجه القبيح العابس، حين كنت أقف أمام المرآة أصف ما تبقى من خصل الذكريات تمنيت أن أبصق على مرآة حقيقتي لكني تذوقت طعم المرار في حلقي فزاد حنقي، تبدّل وجهي من فرط الأحزان فأصبح كخرقة بالية في عالم أحمق لا يعرف سوى تبديل الوجوه، ولعب الأدوار، فمنهم من يلعب دور الثري وهو شحّاذ العواطف قبل المال وقلبه فارغ من الحب وجيبه ممتلئ لعنات من ابتلع دراهمهم، ومنهم من يلعب دور الواعظ وهو العربيد يشير عليه زناه وكأس خمره، ومنهم من يلعب دور ملاك له أجنحة كقولهم.. وهل للملائكة أجنحة يا ملاك؟ ومنهم من يلعب دور القوي وهو يسقط مغشياً عليه اذا رأى حشرة مثله، ومنهم من يلعب دور المثقف وهو الذي لا يجيد إلا قراءة الكف أو الفنجان، ومنهم من يلعب دور المُنزّه عن الخطأ ويعيب على من حوله وهو صاحب صحيفة الأحوال السوداء ورائحته تفوح من عورتِه؛ فها هو وجهي يتبدّل مثلهم، سئمتهم كلهم حتى وجهي بات عدوي، تعلمون... هنا كل الوجوه ملتهبة كلها تصرخ وتئن مثلي، أتعاطف معهم، أشاركهم الأنات وتطييب الخواطر، أعلم أن رحمة الله واسعة كما أعرف أن عدله صارم، ولا عزاء للمنتحرين، لكني حقاً تعبت، يئست مني وكرهتني وضقت ذرعاً حتى من رائحة الياسمين وأصوات عصافير الشجر، حتى ابتسامات الأطفال تخنقني، شيء واحد هو ما كان يُهون علي غربتي هو حبي كنت أمتلك قلباً ينبض بالحب لكل من حولي، وحين طار لحبيب واختطفه في سفرٍ بعيد سُررتُ به حينها وحلّقت مع حبيبتي في بساط ناعم بين أنسجته أنغام موسيقية تسابق نبضاتي وروائح الحب تفوح من همس شفتيها، ونجوم الليل الخريفية تتساقط أمام بريق عينيها، وعبير البساتين الربيعية تتماوج مع جدائل شعرها المتماوجة على كتفيها، وحين هممت أن أُقّلُ البساط تحت قدميها لم أجدها ولم أجد البساط اختفت وهي تضحك ساخرة من عشقي أنت واهم يا أحمق!!! لماذا أنا أعيش هذه الحياة، ولماذا خلقني الله؟ هل أصر على وجودي كي يُزيد تعبي ثم يُحاسبني على فعلتي؟ أصرخ له ههنا لماذا فعلت هذا بي؟ لماذا كنت بعيداً عني ثم تحاسبني على ما فعلت وتعود لتحرمني من ملكوتك؟ لاأحد يجيب هنا سوى جنودي الأوفياء الذين تعاقدت معهم كي يلقوا بي في هذا الأتون الأحمر هم قوى شيطانية تتناثر أشلاءهم في براكين من النار الذي يُطفئ والدود الذي لا يموت يصيحون في شماتة ورائحة تجديفهم بين الصرخات "أنت الآن عبداُ لنا وملكاُ لهذا الجحيم، لماذا لم تصبر على ابتلاء ولماذا لم تطلب رحمة خالقك؟ بل لماذا كنت أنت بعيداً عنه ويئست من رحمته؟ أتعلم لماذا!!! لأنك إبن هذا الجحيم الوفي، والآن ابق ههنا وليُضعّف لك اللهيب أضعافاً وليُسحق جسدُك بين سعير الأتون وتتصاعد رائحة احتراقك وتعفن مشاعرك بين ايدينا، ثم تتعالى صيحاتهم المجدفة.
أعلم أني الآن في نار آكلة وجحيم لن ينتهي لكني كنت كذلك، جحيم لن ينتهي، حتى دقات قلبي تؤلمني، بعد أن كانت أنشودة تتغني بها البلابل الصّداحة على أغصان الزيتون، وتعتصر شهدها كروم البساتين، باتت علقم لا يذوب من جفاف الحلق، مللتُ، بل سئمتني، كرهت التطلع في ذلك الوجه القبيح العابس، حين كنت أقف أمام المرآة أصف ما تبقى من خصل الذكريات تمنيت أن أبصق على مرآة حقيقتي لكني تذوقت طعم المرار في حلقي فزاد حنقي، تبدّل وجهي من فرط الأحزان فأصبح كخرقة بالية في عالم أحمق لا يعرف سوى تبديل الوجوه، ولعب الأدوار، فمنهم من يلعب دور الثري وهو شحّاذ العواطف قبل المال وقلبه فارغ من الحب وجيبه ممتلئ لعنات من ابتلع دراهمهم، ومنهم من يلعب دور الواعظ وهو العربيد يشير عليه زناه وكأس خمره، ومنهم من يلعب دور ملاك له أجنحة كقولهم.. وهل للملائكة أجنحة يا ملاك؟ ومنهم من يلعب دور القوي وهو يسقط مغشياً عليه اذا رأى حشرة مثله، ومنهم من يلعب دور المثقف وهو الذي لا يجيد إلا قراءة الكف أو الفنجان، ومنهم من يلعب دور المُنزّه عن الخطأ ويعيب على من حوله وهو صاحب صحيفة الأحوال السوداء ورائحته تفوح من عورتِه؛ فها هو وجهي يتبدّل مثلهم، سئمتهم كلهم حتى وجهي بات عدوي، تعلمون... هنا كل الوجوه ملتهبة كلها تصرخ وتئن مثلي، أتعاطف معهم، أشاركهم الأنات وتطييب الخواطر، أعلم أن رحمة الله واسعة كما أعرف أن عدله صارم، ولا عزاء للمنتحرين، لكني حقاً تعبت، يئست مني وكرهتني وضقت ذرعاً حتى من رائحة الياسمين وأصوات عصافير الشجر، حتى ابتسامات الأطفال تخنقني، شيء واحد هو ما كان يُهون علي غربتي هو حبي كنت أمتلك قلباً ينبض بالحب لكل من حولي، وحين طار لحبيب واختطفه في سفرٍ بعيد سُررتُ به حينها وحلّقت مع حبيبتي في بساط ناعم بين أنسجته أنغام موسيقية تسابق نبضاتي وروائح الحب تفوح من همس شفتيها، ونجوم الليل الخريفية تتساقط أمام بريق عينيها، وعبير البساتين الربيعية تتماوج مع جدائل شعرها المتماوجة على كتفيها، وحين هممت أن أُقّلُ البساط تحت قدميها لم أجدها ولم أجد البساط اختفت وهي تضحك ساخرة من عشقي أنت واهم يا أحمق!!! لماذا أنا أعيش هذه الحياة، ولماذا خلقني الله؟ هل أصر على وجودي كي يُزيد تعبي ثم يُحاسبني على فعلتي؟ أصرخ له ههنا لماذا فعلت هذا بي؟ لماذا كنت بعيداً عني ثم تحاسبني على ما فعلت وتعود لتحرمني من ملكوتك؟ لاأحد يجيب هنا سوى جنودي الأوفياء الذين تعاقدت معهم كي يلقوا بي في هذا الأتون الأحمر هم قوى شيطانية تتناثر أشلاءهم في براكين من النار الذي يُطفئ والدود الذي لا يموت يصيحون في شماتة ورائحة تجديفهم بين الصرخات "أنت الآن عبداُ لنا وملكاُ لهذا الجحيم، لماذا لم تصبر على ابتلاء ولماذا لم تطلب رحمة خالقك؟ بل لماذا كنت أنت بعيداً عنه ويئست من رحمته؟ أتعلم لماذا!!! لأنك إبن هذا الجحيم الوفي، والآن ابق ههنا وليُضعّف لك اللهيب أضعافاً وليُسحق جسدُك بين سعير الأتون وتتصاعد رائحة احتراقك وتعفن مشاعرك بين ايدينا، ثم تتعالى صيحاتهم المجدفة.