recent
أخبار ساخنة

مكان قضاء العدة للمتوفى عنها زوجها وليس لها مسكن زوجية

الصفحة الرئيسية

بقلم أ/ محمد سعيد أبوالنصر 
مكان قضاء العدة للمتوفى عنها زوجها وليس لها مسكن زوجية في الشرع :
 اسمٌ لمدة معدودة تتربص بها المرأة لتعرف براءة الرحم، وذلك يحصل بالولادة والأقراء والأشهر، واشتقاقها من العدد. قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: 234] وقوله: ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ﴾، إنه يعني به: يحتبسن بأنفسهن معتدات عن الأزواج والطيب والزينة والنقلة عن المسكن الذي كن يسكنه في حياة أزواجهن أربعة أشهر وعشرًا، إلا أن يكن حوامل فيكون عليهن من التربص كذلك إلى حين وضع حملهن، فإذا وضعن حملهن، انقضت عددهن حينئذ] اهـ. 
وورد عن زينب بنت كعب بن عجرة رضي الله عنها: أن الفريعة بنت مالك بن سنان رضي الله عنها -وهي أخت أبي سعيد الخدري رضي الله عنه- أخبرتها أنها جاءت رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة، وأن زوجها خرج في طلب أَعْبُدٍ لَهُ أَبَقُوا، حتى إذا كان بطرف القدوم لحقهم فقتلوه، قالت: فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أرجع إلى أهلي؛ فإن زوجي لم يترك لي مسكنًا يملكه ولا نفقة، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «نَعَمْ»، قالت: فانصرفتُ، حتى إذا كنتُ في الحجرة -أو في المسجد-، ناداني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -أو أمر بي فنوديتُ له-، فقال: «كَيْفَ قُلْتِ؟» قالت: فرددتُ عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي، قال: «امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ»، قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرًا، قالت: فلما كان عثمان أرسل إلي، فسألني عن ذلك، فأخبرته، فاتبعه وقضى به. أخرجه الإمام الترمذي وقال في "السنن" : [هذا حديثٌ حسنٌ صحيح، والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغيرهم؛ لم يروا للمعتدة أن تنتقل من بيت زوجها حتى تنقضي عدتها، وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق. وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: للمرأة أن تعتد حيث شاءت وإن لم تعتد في بيت زوجها. والقول الأول أصح] اهـ. "
لماذا شُرعت العدة  ؟
شُرعت العدة  صيانةً للأنساب وحفظًا لها من الاختلاط رعايةً لحق الزوجين والولد، والمغلب فيها التعبد، 
مدة العدة .
عدة المرأة المتوفى عنها زوجها هي أربعة أشهرٍ وعشرة أيامٍ هجرية من تاريخ وفاة الزوج.
مكان قضاء العدة للمتوفى عنها زوجها وليس لها مسكن زوجية
الأصل أن المرأة  التي توفي عنها زوجها  تقضى عدتها في بيت الزوجية؛ حتى تنتهي عدتها "ويرى جمهور الفقهاء أن المتوفى عنها زوجها تعتد في بيت زوجها وجوبا، وذهب فريق آخر إلى أن لها أن تعتد في أي بيت شاءت، لأن الله تعالى أمرها بالعدة ولم يأمرها أن تعتد في مكان بعينه .
واستثنى الجمهور في ذلك أن يكون بيت الزوجية موحشا ، حيث لا تأمن على نفسها بعد وفاة زوجها، كأن يكون في بيت مهجور ونحو هذا، أو أنها تجد صعوبة كبيرة في عيشها مع أهل زوجها، إن كان البيت ليس خاصا بزوجها،  "أو إذا لم يوجد فيها بيت للزوجية، كمن كانت تسكن في بيت مستأجر وانتهى إيجاره، أو تهدم المنزل، أو كانت تسكن في فندق؛ ففي هذه الحالة يأتي السؤال: هل يلزم المرأة قضاء العدة في هذا المنزل ، ومن يتحمل نفقة هذا المنزل  هل الزوجة أم الورثة ، هل يؤخذ ثمن المسكن من التركة، أم يجب على الزوجة من مالها، أم يسقط الحكم بذهاب المحل؟" كل هذا ورد عن السادة الفقهاء  حيث قال بعضهم "إن المطلوب من المتوفى عنها زوجها الاعتداد، ولا يشترط فيه بيت الزوجية .
وقد ورد عن بعض الصّحابة منهم عائشة وجابر : أن المتوفّى عنها لا يلزم أن تعتدّ في بيت الزوجيّة، بل يجوز لها أن تقضيَها في أي بيت؛ لأن الله حين أمرها بها لم يعيّن بيتًا خاصًّا .
وقال عطاء: إن شاءت اعتدت عند أهلها وسكنت، وإن شاءت خرجت ، لقول الله عز وجل: (فإنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنّ مِنْ مَعْروفٍ) (سورة البقرة : 240) .
كما استدل هذا الفريق بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم ، وكانت قد طلقت طلاقا بائنا، وإنما كان الاعتداد في بيت الزوجية في حال الطلاق الرجعي، عسى أن يراجع الزوج نفسه، ويرد إليه زوجته مرة أخرى .
أما في حالة الطلاق البائن أو المتوفى عنها زوجها، فليس هناك إمكانية في الرجوع، فكانت المرأة مخيرة بين أن تعتد في بيت زوجها أو في بيت أبيها أو في غيرهما من الأماكن شريطة الأمن على نفسها . "
، والذي اختاره  أنه إذا لم يوجد لها مكان للسكن وتبرع لها الورثة بمكان أو أوجدوا لها مكانا وكان لائقًا بمثلها فعليها الاعتداد فيه فإن لم يوجد فإنها تعتد حيث شاءت ولا إثم عليها." 
لان الإثم يحتاج إلى دليل ولا يوجد دليل للإثم إلا الأمر بالمكوث ولم يحدد مكانه  وحيث تعذر عليها ذلك فلا تأمر به كما لا يأمر به الورثة لأن ذلك يؤدي إلى إنقاص  أنصبة الورثة اللهم إلَّا إذا تبرعوا به كي نعتد في بيت زوجها  .
يقول الدكتور وهبة الزحيلي: "لا يجوز للمرأة الانتقال من بيت الزوج في العدة إلا بسبب كعدم وجود أمن في هذا البيت بأن كان نائياً موحشاً‏،‏ أو وجد شيء من السباب والشتم والأذى بينها وبين أقارب زوجها‏،‏ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَّ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ‏}‏ الطلاق : 1، وهي السباب ونحوه. انتهى
و يقول الدكتور يوسف : "يلزم المتوفى عنها زوجها أن تلزم بيتها الذي مات زوجها وهي فيه، لا تغادره طوال أشهر العدة . كما في حديث الفريعة بيت مالك، ولأن بقاءها في بيتها أليق بحالة الحداد الواجبة عليها، وأسكن لأنفس أهل الزوج المتوفى، وأبعد عن الشبهات .
لكن يجوز لها أن تغادره لحاجة، مثل العلاج، أو شراء الأشياء اللازمة إذا لم يكن لها من يشتريها، أو الذهاب إلى عملها الملتزمة به، كالمدرسة والطبيبة والممرضة وغيرهن من النساء العاملات .
وإذا خرجت لحاجتها نهارًا . فليس لها الخروج من منزلها ليلاً .
ويقول الشيخ عطية صقر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام: "المتوفّى عنها زوجها تعتد في بيت زوجها، ولا تتركه إلا لعذر مقبول، وذلك على رأي الجمهور .
وأجاز لها البعض الخِيار في أن تعتد في أي مكان تشاء، ولها أن تخرج نهارًا لكسب عيشها . هذا، وما دام الأمر خلافِيًّا فيجوز الأخذ بأحد الآراء دون تعصُّب له، فالرأي الاجتهاديّ صواب يحتمل الخطأ، أو خطأ يحتمل الصواب، بهذا لا يكون هناك تناقُض، ولا تضارب في أحكام الشريعة المنصوص عليها، والمتفق على صحتها .انتهى
والخلاصة أن اعتداد المرأة المتوفى عنها زوجها خلافي، والأولى الاعتداد في بيت الزوجية، خاصة إن كان سكنا خاصا بها، أما إذا لم يوجد مسكن خاص بها فيجوز لها الاعتداد حيثما تيسر لها. والله أعلم
google-playkhamsatmostaqltradent